الاثنين، 31 أغسطس 2009

شاب من غزة يحفظ أسماء خمسة آلاف شهيد فلسطيني




"بداية مشواري في حفظ أسماء الشهداء وتواريخ استشهادهم كانت في اليوم الذي قتل فيه الاحتلال الإسرائيلي الطفل محمد الدرة في حضن والده.. أحفظ الآن اسم أكثر من خمسة آلاف شهيد، وأمتلك ما يزيد على الثلاثة آلاف صورة لهم" ، هكذا تحدث الشاب الغزاوي طارق درويش 21 سنة لوسائل الإعلام الفلسطينية المختلفة الشاب استرجع ذكرياته مع شهداء فلسطين الذين قضوا خلال انتفاضة الأقصى والعدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.


بيت درويش المتواضع في مخيم المغازي وسط قطاع غزة أصبحت تؤمه عشرات وسائل الإعلام وعشرات المصورين للالتقاء به وتصويره مع أرشيف الشهداء.


ويقول الشاب الفلسطيني: أحب الشباب الذين استشهدوا في سبيل الله والوطن لأنهم دفعوا أغلى ما يملكون. ولذلك أحفظ أسماء عدد هائل منهم وتواريخ وأماكن استشهادهم وكيفية ارتقائهم إلى رحاب الخالق.


ويضيف درويش: إضافة إلى الأرشيف الذي أحتفظ به في ذاكرتي جمعت أكثر من ثلاثة آلاف صورة للشهداء أقلبهم بين فترة وأخرى حتى يبقوا محفورين في مخيلتي (...) أنا بالفعل أعشق هؤلاء الشهداء. وعن الآلية التي حفظ فيها هذا العدد الكبير من أسماء الشهداء يوضح أنه عندما ينظر إلى صورة أي شهيد أو يسمع عنه في وكالات الأنباء يحفظ اسمه وتاريخ استشهاده تلقائياً دون أي عناء يذكر.. ويتمتع الشاب ذو البشرة السمراء بعلاقات اجتماعية قوية، فيعرفه الكثير من شباب قطاع غزة حيث يحتفظ في ذاكرة هاتفه النقال بأرقام أكثر من 1400 شخص من مختلف محافظات القطاع.


وعن طريقة جمعه للصور بين درويش وهو ينظر إلى عدد منها أنه كان يذهب إلى بيوت العزاء ويطلب صور الشهداء من ذويهم.


ويروي درويش قصة طريفة استذكرها وهو ينظر إلى الصور قائلاً: ذهبت لأحد بيوت الشهداء لأحصل على صورة، فقابلني شقيقه فطلبت منه صورة لأخيه فقال لي أنت طارق درويش ؟، فأجبته صدقت هل تعرفني؟ فأردف لا لكن شقيقي سمع عنك وكان يتمنى أن يقابلك وأوصاني أن أعطيك عشر صور.


ولم يخفِ الشاب الغزي بعض الصعوبات التي واجهها من بعض أهالي الشهداء، عندما يسألونه لماذا تريد هذه الصور؟!. ويأمل درويش بتطوير أرشيفه ليصبح كتاباً يتناول فيه أسماء الشهداء وجوانب من حياتهم الجهادية.


وعن أسماء شهداء الحرب الأخيرة على القطاع نظر درويش إلى السماء، وتنهد ببطء وقال: رحمهم الله لقد فقدت خلال الحرب 26 صديقاً كنت أجتمع معهم دائماً وأفطر عندهم في رمضان الماضي وأزورهم في أيام العيد. ويضيف: ابتعت دراجة نارية لأزور أهالي شهداء الحرب الأخيرة على القطاع جميعاً وأطلب صورهم من أهلهم، وسأقوم بذلك الشهر المقبل إن شاء الله.

الثلاثاء، 4 أغسطس 2009

سيد قطب يبشرنا..



قد يبطئ النصر لأن بنية الأمة المؤمنة لم تنضج بعد نضجها ، ولم يتم بعد تمامها ، ولم تحشد بعد طاقاتها ، ولم تتحفز كل خلية وتتجمع لتعرف أقصى المذخور فيها من قوى واستعدادات . فلو نالت النصر حينئذ لفقدته وشيكاً لعدم قدرتها على حمايته طويلاً!

وقد يبطئ النصر حتى تبذل الأمة المؤمنة آخر ما في طوقها من قوة ، وآخر ما تملكه من رصيد ، فلا تستبقي عزيزاً ولا غالياً ، لا تبذله هيناً رخيصاً في سبيل الله.

وقد يبطئ النصر حتى تجرب الأمة المؤمنة آخر قواها ، فتدرك أن هذه القوى وحدها بدون سند من الله لا تكفل النصر . إنما يتنزل النصر من عند الله عندما تبذل آخر ما في طوقها ثم تكل الأمر بعدها إلى الله.

وقد يبطئ النصر لتزيد الأمة المؤمنة صلتها بالله ، وهي تعاني وتتألم وتبذل؛ ولا تجد لها سنداً إلا الله ، ولا متوجهاً إلا إليه وحده في الضراء . وهذه الصلة هي الضمانة الأولى لاستقامتها على النهج بعد النصر عندما يتأذن به الله. فلا تطغى ولا تنحرف عن الحق والعدل والخير الذي نصرها به الله.


وقد يبطئ النصر لأن الأمة المؤمنة لم تتجرد بعد في كفاحها وبذلها وتضحياتها لله ولدعوته فهي تقاتل لمغنم تحققه ، أو تقاتل حمية لذاتها ، أو تقاتل شجاعة أمام أعدائها . والله يريد أن يكون الجهاد له وحده وفي سبيله ، بريئاً من المشاعر الأخرى التي تلابسه.


وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يقاتل حمية والرجل يقاتل شجاعة والرجل يقاتل ليرى . فأيها في سبيل الله . فقال : « من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ».


قد يبطئ النصر لأن في الشر الذي تكافحه الأمة المؤمنة بقية من خير ، يريد الله أن يجرد الشر منها ليتمحض خالصاً ، ويذهب وحده هالكاً ، لا تتلبس به ذرة من خير تذهب في الغمار!


وقد يبطئ النصر لأن الباطل الذي تحاربه الأمة المؤمنة لم ينكشف زيفه للناس تماماً . فلو غلبه المؤمنون حينئذ فقد يجد له أنصاراً من المخدوعين فيه ، لم يقتنعوا بعد بفساده وضرورة زواله؛ فتظل له جذور في نفوس الأبرياء الذين لم تنكشف لهم الحقيقة . فيشاء الله أن يبقى الباطل حتى يتكشف عارياً للناس ، ويذهب غير مأسوف عليه من ذي بقية!


وقد يبطئ النصر لأن البيئة لا تصلح بعدُ لاستقبال الحق والخير والعدل الذي تمثله الأمة المؤمنة . فلو انتصرت حينئذ للقيت معارضة من البيئة لا يستقر لها معها قرار . فيظل الصراع قائماً حتى تتهيأ النفوس من حوله لاستقبال الحق الظافر ، ولاستبقائه!


من أجل هذا كله، ومن أجل غيره مما يعلمه الله ، قد يبطئ النصر ، فتتضاعف التضحيات ، وتتضاعف الآلام . مع دفاع الله عن الذين آمنوا وتحقيق النصر لهم في النهاية.