"الصَّقر" حيٌّ لا تقل "الصقر" ماتْ ..... أوَهل يجف النيل أو نهر الفرات؟*
عُذراً لصاحب الأبيات الشجيَّة, ورحمات الله على روحه التقّية؛ فلقد كُتبت مثل هذه الكلمات رثاءً للشهيد المهندس يحيى عيَّاش, وخطَّها الرنتيسي في قصيدةٍ تتفجّر منها معاني الحماس والوفاء؛ ليؤكد على أن طريقاً بُدأ بالتضحية لن ينتهي إلا بالنصر, وأن بذوراً غُرست في أعماق الأرض لن تخرج إلا أزهاراً وأشجاراً وارفة الظلال. وفي ذكرى استشهاد القائد, لم أجد أفضل من كلماته حتى أُعبِّر عن ذات الحالة التي أراد الدكتور إيصالها يوم ارتقى مهندس الكتائب؛ فلن تجفَّ فينا المبادئ التي غرسها القادة العظام, ولن تنحني منَّا الهامات الباسقات مهما اشتدت ضراوة الأيام. وحتى نأخذ من معاني الكرام ونقيس على أحداث أيامنا, فلقد قمت بجمع أسئلتي و توجهت إلى مكتبة الدكتور عبد العزيز الرنتيسي- رحمه الله- وكان هذا الحوار بين سؤالٍ وإجابة!
- يحاول البعض اللعب على وتر تغيُّر حماس بعد استشهاد الياسين والرنتيسي, وأؤلئك الذين يلمزون في الحركة لا يرون جانباً إيجابياً فيما وصلت إليه حماس, ولا يُقدِّرون اختلاف الظروف وتغير أوراق اللعبة وأدواتها في هذه الفترة من عمر الحركة؛ فكثيراً ما نسمع بأن حماس غيَّرت مبادئها بعد استشهاد ثلة من الرعيل الأول. ما رأي الدكتور عبد العزيز في هذا الأمر؟
د. عبد العزيز الرنتيسي:" كم من قائل بأن الحركة قد غيرت مبادئها، وقد أصبحت الآن تقبل بما رفضته بالأمس، ثم يكتشف بعد حين ثبات الحركة على مبادئها وأنه كان قد جانبه الصواب ولكن لا يراجع نفسه ليستدرك الأمر حتى لا يقع في سوء التقدير مرة أخرى، ولا أعتقد سببا لتكرار القراءة الخاطئة من مفكر ما إلا أنه يجامل هواه على حساب الحقيقة"(1)
- نفهم من هذا الكلام أنَّ هذه الظاهرة لم تولد بعد استشهاد القادة, ويبدو أن هناك من كان يلمز حماس بتغير منهجها وانحرافها عنه حتى في حياة الياسين والرنتيسي؛ لكن كيف نرد على من يعتقد بأن حركة حماس مرتبطة بشخص, فإن مات أو قُتل, انهارت الحركة وعادت إلى درجة الصفر!؟
د. عبد العزيز الرنتيسي: " يُسقط هؤلاء المفكرون هذه الصور السيئة على حركة حماس.. ولا يفهمون روابط الأخوة التي تربط قيادة الحركة بعضها ببعض، وتربط القيادة بالقاعدة، وتربط القاعدة بالقاعدة، ولا يستطيعون أن يتفهموا عملية اتخاذ القرار في حركة حماس والتي تستند إلى رأي الأغلبية من خلال الشورى الملزمة، وينسون في غفلة من أمرهم أن تأليه الفرد ليس من أعراف هذه الحركة الإسلامية، بل يتناقض مع مبادئها التي هي مبادئ الإسلام". (1)
- ما رد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي على من يقول بأن جناح الصقور قد غاب عن الحركة وخلت الساحة لجناح الحمائم!؟
د.عبد العزيز الرنتيسي: " أنه من الجهل بالحركة أن نصنف قادتها إلى صقور وحمائم، ولكننا في واقع الأمر حمائم مع أبناء شعبنا على اختلاف بعدهم وقربهم منا.. وصقور مع أعدائنا لا نبالي بما يحيق بنا طالما أننا ندافع عن الشعب والوطن والمقدسات". (1)
-نتيجة لما ذكرتم فقد حوربت حركة حماس وقُيِّدت مع الشعب في كثير من المواطن, وتوِّجت الهجمة عليها بالحرب الأخيرة التي استهدفت الحركة واغتيل على إثرها العالم نزار ريان والشيخ سعيد صيام؛ ماذا يقول الدكتور بعد هذه الهجمة التي استهدفت الحركة وقادتها وأبناءها؟
د.عبد العزيز الرنتيسي: "أقول لكم و أطمئنكم: لو رحل الرنتيسي و رحل الزهَّار و رحل هنية و رحل نزار و رحل صيام و رحل الجميع، والله لن نزداد إلا لُحمة و ولن نزداد إلا حبًّا، فنحن الذين تعانقت أيادينا في هذه الحياة الدنيا على الزناد، وغدًا ستتعانق أرواحنا- بإذن الله- في رحاب الله". (2)" اليوم تشتد الهجمة على حماس، ولا يعني اشتداد الهجمة أن العدو في وضع جيد، أو انه قريب من تحقيق أهدافه، بل على النقيض تماما هذه الهجمة تعكس حالة الخوف والإحباط واليأس الذي يعيشها الاحتلال، ولو نظرنا إلى الإجراءات الأمنية المشددة التي أحالت حياتهم إلى جحيم أدركنا الحقيقة التي تقول أنهم على حافة الانهيار المعنوي والنفسي الخطير، والمعركة في فلسطين على غير ما يهوى اليهود الصهاينة بدت واضحة بين الإسلام بما يملك من طاقات روحية ومبدئية هائلة، وبين يهود صهاينة يملكون آلة دمار كبيرة ولكنهم جبناء، فهم يعلمون أن حماس لن تتراجع أمام ضرباتهم، ويدركون أن القضاء على قادة حماس السياسيين المعلنين سيؤدي إلى شيء واحد فقط وهو ظهور قيادة سرية وهذا حدث يوم اعتقلوا مؤسسي حماس بما فيهم الشيخ أحمد ياسين عام 1989م، وهذا لم يضعف الحركة في الماضي وحتما لن يضعفها في المستقبل، ونخلص من كل ذلك أن حماس أيا كان حجم الهجمة عليها فالنتيجة الأكيدة أن الحركة ستزداد قوة وانتشارا، كما أنها ستكرس حق الشعب الفلسطيني في كامل وطنه وهذا يعني أن كل التنازلات التي جرت عبر المفاوضات ستصبح أثرا بعد عين، أي أن سقف التطلعات السياسية للشعب الفلسطيني سيرتفع إلى مستواه الشرعي". (3)
- بما أننا وصلنا إلى موضوع المفاوضات, فقد نقلت الأخبار بأن السلطة الفلسطينية " تتخوف" من امتناع حكومة نتن ياهو عن استئناف المفاوضات بين الجانبين, على ضوء رفض نتن ياهو حل الدولتين, واعلان وزير خارجيته بأن المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود. ما قول الدكتور عبد العزيز في هذا الأمر؟
د.عبد العزيز الرنتيسي: "كنت دائما ولا زلت على قناعة تامة أن الصهاينة اليهود لن يسمحوا في يوم من الأيام بقيام دولة فلسطينية مستقلة على طاولة المفاوضات ولو على جزء يسير من أرضنا المغتصبة فلسطين، فالمشروع الصهيوني الرامي إلى قيام ما يسمى ( بإسرائيل الكبرى ) لا زال محط أنظار الصهاينة الأشرار، وهم يؤمنون أن قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة ربما يقطع الطريق على هذا المشروع، كما أن الصهاينة يعتقدون أن قيام دولة فلسطينية يشكل خطرا استراتيجيا على مستقبل الكيان الصهيوني، إدراكا منهم أن الأمة العربية والإسلامية ستستمر في رفضها للوجود الصهيوني على أرض إسلامية لها ارتباط وثيق بعقيدة المسلمين، وأعتقد أن المفاوض الفلسطيني بات اليوم يشاركني قناعتي هذه، ولكنه لا زال يسعى إلى المفاوضات وكأنها أصبحت هدفا لذاتها، فما الذي يريد أن يحققه المفاوض الفلسطيني من هذه المفاوضات؟" . (4)
- إذاً ما هي الرسالة التي يوجهها الدكتور للمفاوض الفلسطيني!؟
د.عبد العزيز الرنتيسي: " قل لي بربك أيها المفاوض الفلسطيني.. لماذا تسعى إلى المفاوضات؟!!! (4)لقد فاوضت م.ت.ف العدو الصهيوني على مدى حوالي التسع سنوات منذ مؤتمر مدريد، وذلك من خلال السلطة المنبثقة عنها، وتعاونت معه أمنيا، واعتقلت المجاهدين عام 1996م، وشكلت من قوات الأمن الفلسطيني سياجا أمنيا يحمي الاحتلال ومستوطناته، وألغت ميثاقها، وآمنت "بعِجْل" السلام الصهيوني، واعترفت بما يسمى دولة "إسرائيل" أي تنازلت عن 78% من فلسطين، ولكن العدوان على شعبنا لم يتوقف، فبناء المستوطنات، وشق الطرق الالتفافية، وتهويد المقدسات لم يتوقف للحظة واحدة بينما كانت طاولة المفاوضات عامرة بالمتحدثين عن السلام الشامل والدائم والعادل، ولنا عندئذ أن نتساءل أليس هذا هو الاستدراج بعينه؟ ألم توفر طاولة المفاوضات الغطاء المطلوب لتلك الممارسات العدوانية التي تتناقض مع السلام، وتجعل قيام دولة فلسطينية أمرا مستحيلا وقد نجح العدو الصهيوني بتقويض مقوماتها عبر عزل الشعب الفلسطيني في معازل متناثرة؟فإذا كنا نجمع على أن العدو يفر من السلام ولا يريده ولا يؤمن به، وإذا كان إحراجه أمرا مستحيلا ومعه أمريكا بخيلها ورجلها، وإذا أيقنا أن عدوانه المتواصل علينا خيار استراتيجي لأنه وسيلته الأساسية في تنفيذ المخطط الصهيوني، فلماذا لا يقر جميعنا بأن المقاومة هي الخيار؟!!!! " (5)
- حركة حماس في الفترة التي سبقت حرب الفرقان, قامت بتعليق العمل العسكري و وقف إطلاق الصواريخ, مما دفع لاتهامها من قبل البعض بأنها انجرَّت إلى مربع التسوية وهجرت المقاومة, خاصة وأنَّ خروقات الاحتلال في فترة الهدنة لم تتوقف؛ فلماذا أباحت حماس لنفسها وقف العمل العسكري في ذلك الوقت!؟
د.عبد العزيز الرنتيسي: " حقيقة الأمر أننا نؤمن أن تعليق العمل العسكري لن يؤدي إلى أي إنجاز سياسي لصالح الشعب الفلسطيني على صعيد استرداد حقوقه السليبة، كما أننا نؤمن أنه لن يؤدي إلى وقف مختلف أشكال العدوان على شعبنا الفلسطيني، ولذلك لم يكن هدفنا من التعليق إلا صيانة الوحدة الوطنية الفلسطينية، وإزالة العقبات من أمام مشروع المقاومة المسلحة." (5)
- في الوقت الأخير سادت الساحة الفلسطينية أخبار "الحوار الوطني الفلسطيني", وانشغلت الأطراف الفلسطينية بآمال تحقيق الوحدة الوطنية. لكنَّ إرجاء الحوار إلى وقتٍ آخر, دفع البعض لتحميل حركة حماس مسئولية فشل الحوار. كيف تُبرر حركة حماس موقفها من الحوار الفلسطيني؟
د.عبد العزيز الرنتيسي: " إذا تحدثنا عن الحوار فلم يعد لهذا المصطلح العظيم من مضمون، لأننا نفهم الحوار على أنه سلوك وطني وإسلامي يضع كافة القضايا التي تهم المتحاورين تحت المجهر بهدف التوصل لما هو أفضل لقضيتنا ولشعبنا، وأن يكون هناك استعداد مسبق لدى الأطراف المتحاورة أن تفتح أسماعها وأبصارها وأفئدتها للرأي الآخر، وأن يكون لديها استعداد للتخلي عن موقفها لصالح المصلحة العليا إذا تجلت في الرأي الآخر، بينما نرى مفهوما آخر للحوار يفرغه من مضمونه، فقد أصبح في عرف البعض أنهم وحدهم يحتكرون الصواب دون غيرهم، وأن على الآخرين أن يتخلوا عن قناعاتهم وإلا فالحوار يعتبر فاشلا قبل انعقاده، وعندها يجرد الحوار من معناه الجميل ليصبح ضغوطا وإلحاحا وتخجيلا، من طرف على طرف آخر كي يتخلى عن ثوابته التي يؤمن أن المصلحة الوطنية العليا تكمن في التشبث بها، فالحوار ليس وسيلة ضغط من أجل دفع هذا الطرف أو ذاك لتغيير محضنه الفكري أو الثقافي أو السياسي، وليس وسيلة من وسائل الترغيب والترهيب، ونجاح الحوار يكمن في قبول الطرف الآخر كما هو، ثم يجري البحث في التحول المطلوب كنتيجة للحوار، وليس كشرط مسبق لنجاح الحوار، فهناك من يقيد نجاح الحوار بتحقيق الهدف الذي حدده كنتيجة مسبقة للحوار، فإن تحقق كما يرجو يصبح في عرفه الحوار ناجحا، وأما إذا لم يتمكن من تحقيق ما يشتهي فلا يتردد في الإعلان عن فشل الحوار، ثم لا يلبث أن يحمل صاحب الرأي الآخر الذي لم يقترف ذنبا إلا أنه تشبث برأيه الذي اقتنع بصوابيته، وأبى أن يكون إمعة، مسئولية ذلك الفشل المزعوم." (6)
- تساءل الدكتور عبد العزيز في إحدى مقالاته " هل السلطة في ظل الاحتلال إنجاز وطني أم إنجاز للاحتلال؟"(7). فما هو المطلوب من السلطة حتى تصبح انجازاً وطنياً يجمع الشعب في بوتقة المقاومة؟
د.عبد العزيز الرنتيسي: "أن تعلن السلطة عن وفاة أوسلو، وعن تحللها من التزاماتها كما جاءت في الاتفاقيات التي وقعت عليها، وأن تنحاز إلى خندق المقاومة كخيار استراتيجي، وما من شك أن لهذا الخيار تكاليفه، فهذا يعني بوضوح نهاية السلطة كمشروع دولة، ولن تكون التكاليف إذن باهظة لأن مشروع الدولة غير قابل للتنفيذ، ولكن من مزايا هذا الخيار أنه سيحافظ على السلطة كإطار وطني ثوري، وبالتالي سيصون الوجود الفلسطيني، ويحفظ القضية الفلسطينية من التصفية، ويجمع الصف الفلسطيني في بوتقة واحدة، ويعزز قدرة المقاومة على تحقيق أهدافها، ففي التحلل من التزامات أوسلو، يصبح التسلح مشروعا وليس جريمة مخجلة... وستصبح المقاومة عندئذ عملا مشروعا وليست إرهابا، فمقاومة الاحتلال لم تفقد مشروعيتها إلا في أوسلو، وسيصبح العدو أمام أمرين اثنين: إما أن يذعن لشروط شعبنا الفلسطيني المجاهد، أو أن يواجه حرب استنزاف طويلة الأمد، باهظة التكاليف لا يريدها ولا يتمناها، ولا يمكنه تحمل تبعاتها." (8)
- إذاً هل يُشجِّع الدكتور عبد العزيز انضمام حماس وباقي القوى الفلسطينية إلى السلطة إن تمرَّدت على أوسلو؟
د.عبد العزيز الرنتيسي: "اندثار أوسلو يعتبر مصلحة عليا للشعب الفلسطيني ، مما يفتح الباب على مصراعيه أمام مشاركة كل القوى في صناعة القرار الفلسطيني المستقل ، و يهيئ الأجواء لميلاد سلطة مستقلة وقوية".(9)
- قام النظام المصري باعتقال مجموعة من الأفراد قيل أنهم يُهرِّبون السلاح للمقاومة الفلسطينية المحاصرة في غزة. وفي ذات الفترة قام النظام الأردني بالحكم على ثلاثة أردنيين أُدينوا برصد مواقع عسكرية اردنية لصالح حماس؛ ما هي رسالة الدكتور عبد العزيز للحكام العرب الذين يزيدون من الضغط والحصار على المقاومة الفلسطينية؟
د.عبد العزيز الرنتيسي: " يا قادة العرب شعوبكم تتحرق شوقا لنجدتنا ونصرتنا، تتلظى على جمر العار لحرمانها من نصرة المسرى، تتوق إلى الجهاد في سبيل الله، دفاعا عن كرامة أمتنا التي مرغها الصهاينة في التراب، فلماذا تسلطوا عليهم الكلاب الأمريكية؟ ولماذا تجلدوا ظهورهم بالهراوات البريطانية؟ فإن كنتم قد تخاذلتم عن نصرتنا، ألا يسعكم أن تغضوا الطرف عمن يريد نصرتنا ؟؟ليت الذي لم يكن بالحق مقتنعا يخلي الطريق ولا يؤذي من اقتنعا. يا قادة العرب لماذا هذا الولاء الأعمى لمن نهانا رب العزة عن اتخاذهم أولياء (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء)، فربما تقولون كما قال الذين من قبلكم (نخشى أن تصيبنا دائرة) فاقرءوا إذن قول الله عز وجل ( فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين )، وربما ابتغاء العزة عندهم، فأذكركم باستنكار الله ذلك قائلا سبحانه ( أتبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا )، ولذا أما آن لكم أن تتدبروا قول الله تعالى (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا)، فإلى متى تبتعدون عن هذه الحقائق القرآنية الدامغة ؟؟ ألا ترون أن ابتعادكم عنها سبب هزائمنا ؟؟يا قادة العرب ألا ترون أنه لولا جهاد شعبنا في فلسطين لاقتحم العدو عليكم عواصمكم، فهو الذي لم يتخل بعد ولن يتخلى عن مشروعه وحلمه في ما يسمى بإسرائيل العظمى، فلماذا لا تدعمون صمودنا كي نحمي عواصمكم ؟؟" (10)
- في ظل الحكومة الصهيونية اليمينية, قال وزير الخارجية أفيغادور ليبرمان, بأنه يرفض مؤتمر أنابوليس, الذي هرولت إليه بعض الأطراف الفلسطينية و رأت فيه طريق النجاة و الحل الأمثل. كيف يمكننا تفسير موقف القادة الصهاينة من الاتفاقيات المبرمة مع الفلسطينين؟
د.عبد العزيز الرنتيسي: " لقد أصبحت عملية الإخراج الإعلامي للتراجعات السياسية تأخذ شكلاً نمطياً ثابتاً ، يبدأ دائماً بعرضٍ أمريكي يتمثّل في ورقة أو خطة أو خريطة ، تحمل في طياتها مطالبة الجانب الفلسطيني بتخفيض سقف التطلعات السياسية ، فيأتي الرد الفلسطيني على شكل القبول المشروط الذين يعني الموافقة ، بينما يأتي الردّ الصهيوني على شكل قبولٍ مع تعديلات كبيرة تعني الرفض ، فتأخذ عوامل التعرية الصهيونية في نحت الخطة لتصبح شيئاً آخر يتطلّب تخفيضاً جديداً للسقف الفلسطيني ، فيتعزّز الجانب الفلسطيني في البداية لكن سرعان ما يعلن عن الموافقة بدون شروط ، ليبدأ التشدّد الصهيوني من جديد ، و هكذا يتم خفض السقف السياسي مرة تلو الأخرى ، و ما هي إلا أسابيع حتى يصبح ما تعتبره فصائل المعارضة كارثة سياسية مطلباً فلسطينياً وطنياً !!! ."(11)
- إذاً, كيف يرى الدكتور عبد العزيز السياسة؟
د.عبد العزيز الرنتيسي: " لقد كانت السياسة هي فن الممكن ، فهل أصبحت اليوم فن التراجع ؟؟؟ أما أنا فأرى أن السياسة هي فن التمسك بالثوابت ". (11)
-تأتي ذكرى استشهاد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي في يوم الأسير الفلسطيني 17-4 , فماذا يقول الدكتور عبد العزيز في قضية الأسرى, وكيف يرى السبيل الأمثل للتعامل مع هذا الملف؟
د.عبد العزيز الرنتيسي: " الحركة الإسلامية في فلسطين أمام خيارين اثنين: إما أن تقوم بالعمل على اعتقال جنود صهاينة لإنجاز عملية تبادل، أو تترك المعتقلين يرسفون في القيد إلى الأبد، والخيار الثاني لا يمكن للحركة الإسلامية إلا أن تشطبه من أجندتها، مما يعني أن الخيار الأول هو الخيار الوحيد أمام الحركة الإسلامية." (12)
***
أبشرْ فإن جهادَنا متواصلٌ .... إنْ غابَ مقدامٌ ستخلفه مئاتْ*
هذه البشرى التي أراد الدكتور عبد العزيز إيصالها ليحيى عيَّاش, وأضاف عليها في ذات القصيدة قائلاً:
اليوم يا يحيى ستنهض أمةٌ .......
وتثورُ تنفض عن كواهلها السُّباتْ
ونُعيد ماضينا ويهتف جُندنا........
النصر للإسلامِ بالقسَّام آتْ
ونحن اليوم نزف للدكتور عبد العزيز ذات البشرى؛ بأن جهادنا متواصل وأن قسامنا قد غدا جيشاً لا يُقهر, تفرُّ منه أقوى الجيوش تسلُّحاً في المنطقة.
تشتاق أعيننا لرؤية الرنتيسي وباقي قادتنا الشهداء,
في كل لحظة وساعة,
ولكنَّ الله إذا قضى أمراً فإنما يقول له كنٌ فيكون,
وإنه لكل أجلٍ كتاب,
ومن اصطفاه الله شهيداً خير ممن فارقته روحه بسكتةٍ قلبية أو ذبحةٍ صدرية!
(1): حماس والقرارات الصعبة- 1/7/2003
(2):إحدى الكلمات المسجلة للدكتور عبد العزيز الرنتيسي.
(3): حماس ليست وحدها في المعركة .. وستنتصر بإذن الله - 9/9/2003
(4): قل لي بربك أيها المفاوض الفلسطيني.. لماذا تسعى إلى المفاوضات؟!!! - 20/10/2003
(5): المقاومة هي الخيار- 11/8/2003
(6): نريد الحوار... ولا نريد شعارات بلا مضمون – 7/1/2003
(7): هل السلطة في ظل الاحتلال إنجاز وطني أم إنجاز للاحتلال؟- 2/9/2003
(8): ماذا بعد انجلاء الغبار ؟!- 23/1/2002
(9): لماذا لا تنفض السلطة يدها من أوسلو ؟؟!!- 6/6/2002
(10): صـــــرخة- 28/8/2001
(11): السياسة فن التمسك بالثوابت و ليست فن التراجع-17/3/2003
(12): الأسرى على السلم أولويات المقاومة الإسلامية في فلسطين- 7/2/2004
* الأبيات من قصيدة (عياش حيٌّ لا تقل عيا ش ماتْ )
--------------