منصب وزير الداخلية في المنطقة العربية من المناصب المكروهة شعبيًا بسبب أساليب القمع والاستبداد التي تُمارسها وزارات الداخلية العربية، بخلاف تلفيق التهم للأحرار، وقمع المعارضة الشريفة والزج بها في السجون والمعتقلات.
ودائمًا المنصب في المنطقة العربية هو عنوان تزوير إرادة الشعوب والتعذيب، وتحتفظ منظمات حقوق الإنسان الدولية والإقليمية بسجل أسود في انتهاكات حقوق الإنسان لوزراء الداخلية العرب، وكل شهر وكل عام تصدر المنظمات الدولية والعربية تقارير تحصي فيها كم هائل من انتهاكات حقوق الإنسان العربي.
لكن في غزة حكاية أخرى فريدة ونادرة في وطننا العربي المغلوب والمقهور شعوبه دائما، ففي غزة تمت انتخابات نزيهة وجاءت حركة حماس بإرادة الشعب الفلسطيني إلى الحكم، وكان لافتًا ذلك الرجل سعيد صيام الذي حصد أعلى الأصوات في الإنتخابات؛ فقد حصل على ما يزيد من سبعين ألف صوت، وكيف لا يحصد تلك الأصوات وهو ابن فلسطين، وابن المقاومة، وأيضًا هو الشيخ الداعية خطيب مسجد اليرموك، وهو المصلح الإجتماعي الذي عرفته العائلات الفلسطينية بإصلاحه ذات البين بين الفلسطينيين.
فكان اختياره وزيرًا للداخلية في الحكومة التي شكلتها حركة حماس نقطة ملفتة وبارزة جدًا في عالم وزراء الداخلية العرب؛ فلأول مرة يرشح لمنصب وزير الداخلية رجل جاء بإرادة الشعب!!!، رجل مصلح اجتماعي وداعية إسلامي، رجل تربوي تعّلم وتربّى على يديه الآلاف من شباب غزة
فاندهش وزراء الداخلية العرب من هذا الوزير الذى يخالفهم فى كل شيء، بل لم يُعيَّن من قِبل حاكم لمهارته فى القمع، بل جاء بإرادة شعب فرفضوه لأنه ليس من طينتهم، ولم يدعى لاجتماع واحد لوزراء الداخلية العرب!!!
ولكن سعيد صيام لم يبالي، واستلم مهام منصبه فكان خير الرجال، أحبه الصغير والكبير ومضى يحارب الجريمة وتجارة المخدرات في غزة فازداد حب الشعب له، ولكن على الطرف الآخر العملاء والخونة والمجرمين حاولوا النيل منه ومن وزارته ففشلوا.
وشكل سعيد صيام القوة التنفيذية لتكون يدًا قوية تردع الخونة والمجرمين داخل غزة، وبفضل الله أحبط سعيد صيام الإنقلاب الأمريكي الدحلاني في يونيو 2007 فاشتد حنقهم وغيظهم من سعيد صيام الذي تمكن من القيام بواجبات منصبه بطريقة فريدة؛ حيث عمل على رضا الله ثم رضا الشعب الفلسطيني، وبفضل الله أحبط محاولات أكابر المجرمين في غزة، والعملاء الذين فشل فى إيقافهم كل وزراء ياسر عرفات، رحمه الله.
وكان ملفتًا أن سعيد صيام وزير الداخلية الفلسطينية هو الذي يرعى المقاومة، ويؤمن المظاهرات والمسيرات.. لا يقمعها، ويؤمن عمل فصائل المقاومة.. لا يقبض عليها ويعتقلها.
وفي ظل الحرب والعدوان الصهيوني الهمجي الوحشي العنصري على غزة لم يختفي الرجل، بل كان وسط أهله وشعبه ورجاله يضبط الأمن في ظل الحرب، ويساعد كل محتاج ويدفع مرتبات العاملين معه، بل ويوصلها إلى كل موظف يعمل معه في بيته.
وفي مساء الخميس 15 يناير ليلة الجمعة كان ميعاد البطل المجاهد سعيد صيام مع الشهادة، ولم يكن وحده بل كان معه ابنه وشقيقه وعائلته ليثبت للجميع أن قيادات حماس لا تختبىء وإنما وسط الشعب يقاومون بفضل الله.
يقينًا أعتقد أن الخونة من عملاء دحلان هم من قاموا بإرشاد العدو الصهيوني إلى مكانه، فقامت طائرات العدو بتدمير المنزل وتسويته بالتراب. على كل حال استشهد سعيد صيام (نحسبه كذلك ولانزكي على الله أحد) ليصبح أول وزير داخلية عربي يستشهد، ليضاف إلى مكارمه الأولى كـ أول وزير داخلية عربي يُنتخب، و أول وزير داخلية يحبه شعبه، وأول وزير داخلية مجاهد مقاوم للعدو الصهيوني، ثم أول وزير داخلية يُستشهد.
وكما قيل قديمًا بين أهل الحق وأهل الباطل الجنازات، فقد كان سعيد صيام أول وزير داخلية يشهد جنازته عشرات الآلاف وسط الحرب والتدمير، وتحت القصف غير خائفين، وتحاصرهم النيران والصواريخ والقنابل الفوسفورية الحارقة، ورغم ذلك يخرج عشرات الآلاف من أهل غزة لتوديع وزير داخليتهم الشهيد المحبوب، والدعاء له، ويبكون فراقه، ويهتفون بالثأر له، ويدعون الله أن يجمعهم به في الجنة، بينما الكثير من وزراء الداخلية فى المنطقة العربية عندما يموتون لا يعرفهم أحد، وينكرهم الناس، ويدفنون سرًا أو تحت الحراسة، ولا يخرج في جنازتهم إلا عدد محدود معروف، والجماهير تلعنهم، ويدعو كل مظلوم عليهم.
فهنيئًا لك ياسعيد صيام، يا أبو مصعب، حب الناس واختيار الله لك بالشهادة، وأسعدك الله في الجنة برضوانه يا أعظم وزير داخلية لم تعرفه، ولن تعرفه المنطقة العربية.
وهنيئًا لكل الشهداء في غزة، وأسأل الله أن يثبت أهل غزة، وينصرهم على اليهود ومن عاونهم.
------------
بقلم: ممدوح إسماعيل
-----------------------------
سعيد صيام
سعيد صيام
نشأته
هو سعيد محمد شعبان صيام، ولد في 22 – 7 – 1959 في مخيم الشاطئ في غزة، وتنحدر عائلته من قرية الجورة من قضاء المجدل عسقلان في جنوب فلسطين. كان متزوجا و له ستة أبناء، ولدان وأربع بنات.
دراسته وعمله
تخرج عام 1980 من دار المعلمين في رام الله حاصلا على دبلوم تدريس العلوم والرياضيات، و أصبح عضوا في اتحاد الطلاب بدار المعلمين برام الله ثم أكمل دراسته الجامعية في جامعة القدس المفتوحة التي حصل منها على شهادة بكالوريوس في التربية الإسلامية.
عمل معلما في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في غزة من العام 1980 حتى نهاية العام 2003 حيث اضطر إلى ترك العمل بسبب مضايقات إدارة وكالة الغوث على خلفية انتمائه السياسي.
كما كان عضو اتحاد الموظفين العرب في وكالة الغوث لعدة دورات، وترأس لجنة قطاع المعلمين لمدة سبع سنوات متتالية، وكان عضو مجلس أمناء الجامعة الإسلامية في غزة. وعضو الهيئة التأسيسية لمركز أبحاث المستقبل مع الشهيد المهندس "إسماعيل أبو شنب".
عمل خطيبا وإماما متطوعا في مسجد اليرموك في مدينة غزة، وعمل كذلك واعظا وخطيبا في العديد من مساجد قطاع غزة.
شارك في لجان الإصلاح التي شكلها الإمام الشهيد الشيخ أحمد ياسين، لحل النزاعات بين الناس وذلك منذ مطلع الانتفاضة الأولى، التي عرفت بـ "انتفاضة المساجد" أو "انتفاضة أطفال الحجارة.
نشاطه السياسي
على الصعيد السياسي مثَّل حركة حماس في لجنة المتابعة العليا للقوى الوطنية والإسلامية، وكان عضو القيادة السياسية لحركة حماس في قطاع غزة حيث تسلم دائرة العلاقات الخارجية في الحركة. ويعتبر من أبرز قادة حماس السياسيين الجدد في القطاع و يلقب بالرجل الحديدي في حركة المقاومة الإسلامية حماس.
انتخب عضوا في المجلس التشريعي الفلسطيني عن كتلة "التغيير والإصلاح" ممثلة حركة المقاومة الإسلامية حماس. في العام 2006 كلف بمنصب وزير الداخلية والشئون المدنية في الحكومة الفلسطينية العاشرة. أسس قوة داعمة للقوى الأمنية الفلسطينية في قطاع غزة، سميت بالقوة التنفيذية.
تم تعيينه وزيرا للداخلية في الحكومة الفلسطينية المقالة في غزة في 3 يونيو 2008 في إطار توسيع الحكومة وتعيين 6 وزراء جدد.
تشكيل القوة التنفيذية
كان من ضمن مخططات العرقلة التي واجهتها حكومة حماس عقب تشكلها وتوليها السلطة السعي لزيادة حالة الفلتان الأمني والاضطراب من قِبل بعض الانقلابيين الساعيين لإسقاط الحكومة الشعبية، حتى يسهل الزعم بعجز حكومة حماس عن السيطرة على الأوضاع الأمنية التي تمثل المشكلة الأكبر في الداخل الفلسطيني.جاءت حالة الفلتان الأمني تزامناً مع صمت مريب من قبل الأجهزة الأمنية التابعة للرئيس الفلسطيني "محمود عباس"، والتي غضت بصرها عن حوادث الانفلات الأمني الذي يقوم بها منتسبون لها، إضافة لرفضها المستمر تنفيذ أوامر وزير الداخلية "سعيد صيام".وفي ظل تلك الأوضاع لم تجد الحكومة الفلسطينية المنتخبة حلاً سوى تشكيل قوة جديدة أنشأها وزير الداخلية "سعيد صيام" بعد تشكيل حماس للحكومة في مارس من العام 2006 وأطلق عليها "القوة التنفيذية"، وكانت ذات تركيبة متعددة، حيث أعضاؤها من مقاتلي فصائل المقاومة الفلسطينية المختلفة، وفي يوم 17/5/2006 انتشرت "القوة التنفيذية" في شوارع المدن بهدف واضح هو: حفظ الأمن والنظام، والقيام بالدور المفقود الذي كان يفترض أن تقوم به الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة، من فض للنزاعات، والمحافظة علی المؤسسات الحكومية والوطنية والإسلامية، وحفظ الأمن العام للمواطن الفلسطيني.وعندما أصدر الرئيس الفلسطيني "أبو مازن" قراره بعدم شرعية تلك القوة، صدر بيان من هيئة رئاسة الجهاز التشريعي أن المادة 69 الفقرة 7 من القانون الأساسي الفلسطيني نصت على أن الأمن الداخلي من اختصاص مجلس الوزراء، كما نصت المادة رقم 3 من قانون الأمن رقم 8 عام 2005 على صلاحية وزير الداخلية لتشكيل أو استحداث أي قوة يراها مناسبة لمساندة الأجهزة الأمنية في حفظ النظام وفرض الأمن، كما أن المادة 69 من القانون الأساسي يمنح الوزير صلاحية تشكيل مثل هذه القوة.
اعتقاله
تم اعتقال صيام أربع مرات إداريا من قبل الجيش الإسرائيلي خلال فترة الانتفاضة الأولى و التي كانت قد اندلعت في 7 ديسمبر 1987، و تم بعدها إبعاده إلى مرج الزهور في جنوب لبنان عام 1992 لمدة عام كامل.
كما اعتقله جهاز المخابرات العسكرية الفلسطيني عام 1995 ضمن اعتقالات شنتها السلطة الفلسطينية ضد كل من حماس و الجهاد الإسلامي بسبب سلسلة من العمليات الاستشهادية في إسرائيل.
محاولات الاغتيال
قصف سلاح الجو الإسرائيلي في حزيران 2006 مكتب صيام و ذلك في أثناء الهجوم على غزة بعد اختطاف الجندي الإسرائيلي التي قام بها عناصر مقاتلة من كتائب عز الدين القسام، وفصائل مجاهدة أخرى.
استشهاده
أعلن الجيش الإسرائيلي في يوم 15 يناير 2009 اليوم العشرون للعدوان على غزة (ديسمبر 2008) عن اغتياله لسعيد صيام في حوالي الساعة 7 مساء الخميس مع شقيقه رياض صيام وولده و قيادي آخر في حماس. و ذلك من خلال قصف منزل شقيقه الكائن في حي اليرموك بمدينة غزة بواسطة صواريخ جو أرض أطلقتها طائرة إف 16.
حماس نعته وقالت إنه لحق بإخوانه القادة الشهداء الذين ارتقوا من قبل أمثال الشيخ أحمد ياسين والدكتور عبد العزيز الرنتيسي وإبراهيم المقادمة والمهندس إسماعيل أبو شنب وجمال منصور وجمال سليم والشيخ صلاح شحادة وأخيرا بالشهيد القائد الشيخ نزار ريان الذي ارتقى هو الآخر في غارة مماثلة استشهد هو و15 من أفراد أسرته.
للمزيد حول الشهيد
· الشهيد الوزير النائب صيام .. 50 عاما قضاها في طاعة الله وخدمة الشعب الفلسطيني.
· سعيد صيام .. شهيد الصف الأول.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق