"عمر المختار" اسم خلدته الذاكرة الإنسانية، أما الذين شنقوا عمر المختار فلا أحد يذكرهم، وإن ذُكروا فدائمًا يقترن ذكرهم بكل ماهو مقيت ومكروه، وهذا درس تاريخي ينبغي أن نؤكد عليه ونحن نعيش مأساة غزة، المدينة الصامدة التي سيظل التاريخ يذكر مقاومتها وصلابتها وشهداءها، وما أحوجنا اليوم أن نستدعي شهداءنا الأبرار الذين قدموا أرواحهم فداءً لدينهم وبلادهم.
من هؤلاء يأتي عمر المختار، ذلك الرجل الذي حمل في قلبه هموم وطنه، وتصدى ببطولة فائقة للاحتلال الإيطالي لليبيا، سطرتها الذاكرة الإنسانية شعرًا ونثرًا، وفاخرت بها على مر الأجيال، هكذا هم أبطال التاريخ يحتلون الصدارة ويتربعون على قمة المجد، فهم أحياء وإن غابوا عن الدنيا، رجل تصدى لكبار جنرالات "روما"، ومرغ أنوفهم في الوحل ولم يستسلم لإغراءاتهم، ولم تراوده نفسه يومًا في خيانة وطنه وقضيته.
رجل تعلم الإيمان من دينه، وقاتل من أجل قضية عادلة مؤمنًا بأن انتصاره حتمي وإن طال الزمن، رجل أعطى درسًا حقيقيًّا للغزاة مثلما منح درسًا إضافيًّا للتاريخ، الذي أفرد صفحات مشرفة لبطولاته ورجولته ومعاركه الخالدة، التي قضَّت مضاجع جنرالات "روما" بقضهم وقضيضهم، أين هم جنرالات روما؟! لقد تحطمت أحلامهم الاستعمارية البغيضة على صخرة المختار ورفاقه، الذين آمنوا بأن الخلود في الدنيا يكمن في الإيمان بالقضية العادلة في مواجهة قوى الشر والاستكبار، تلك هي الحقيقة الخالدة، وتلك هي المواجهة الرائعة، التي أبداها المختار في روعة متناهية هزت "روما"، وسكنت ذاكرة العالم من أقصاه إلى أقصاه.
أين هم الخونة الذين تآمروا على المختار؟! أين هم الذين باعوا الوطن بالبطن في زخرف ووهم، ثم تبددت أوهامهم مع انتصار الشعب الليبي؟! الخونة لا مكان لهم في ذاكرة التاريخ، بل مكانهم الحقيقي دائمًا مزبلة التاريخ، هكذا علمنا التاريخ ودروسه، التي يجب أن تعيها الشعوب وتؤكد عليها.
عمر المختار اليوم أشهر من علم، وشوارع العالم التي تُسمى باسمه وميادينه شواهد حقيقية على عظمة الأبطال، أبطال التاريخ الذين يضحون من أجل قضايا عادلة، هي المنتصرة في نهاية المطاف مهما طال الزمن أو قصر.
عمر المختار اسم تردده الأجيال والأناشيد والأهازيج بكل فخر، وقدوة يقتدي بها الأحرار في كل مكان، استُشهد المختار، ونال شهادة الخير في الدنيا والآخرة، أما جنرالات "روما" فلا أحد يذكرهم بخير؛ إذ أن صفحاتهم مظلمة بالجرائم وملعونة يلعنها الجميع، تبصق عليها الأجيال وتزدريها وتلعنها، فاللعنة على القتلى السفاحين المجرمين، والخلود لعمر المختار الذي علمنا أن الحياة وقفة عز وأن الرجال مواقف، إنه الموقف البطولي الذي وقفه عمر المختار من التاريخ والحياة.
هكذا هو التاريخ دائمًا ينحني لمواقف الرجال العظام أمثال عمر المختار إجلالًا وإكبارًا، فالمختار رمز تحترمه الشعوب وتنهل من صفحات جهاده الدروس، دروس مكللة بأكاليل الفخار تحتفظ بها الشعوب في ذاكرتها وتخلدها في سيرتها وتعتز به أيما اعتزاز، فنم قرير العين يا شيخ المجاهدين.
كان عمر المختار بالنهار فارسًا مغوارًا، مجاهدًا في سبيل دينه وبلاده، بالليل زاهدًا متعبدًا خاشعًا، حمل القرآن في قلبه وجعل منه نبراس طريقه، يطوي الصحاري طيًّا، يلقى مصيره بصدر رحب حتى لو كان مصيره معلقًا على حبل مشنقة!! هذا هو أسد الصحراء الذي ارتجت لسيرته وبطولاته الإمبراطوية الإيطالية، رجل صدق ما عاهد الله عليه، فأبى أن يكون في زمرة الجبناء وآثر الطريق الوعرة، طريق الحرية، هذا هو البطل الذي حاولوا خداعه، ولكن يأبى التاريخ إلا أن يدخله صفحاته في مصاف المجاهدين والأبطال الخالدين.
من هؤلاء يأتي عمر المختار، ذلك الرجل الذي حمل في قلبه هموم وطنه، وتصدى ببطولة فائقة للاحتلال الإيطالي لليبيا، سطرتها الذاكرة الإنسانية شعرًا ونثرًا، وفاخرت بها على مر الأجيال، هكذا هم أبطال التاريخ يحتلون الصدارة ويتربعون على قمة المجد، فهم أحياء وإن غابوا عن الدنيا، رجل تصدى لكبار جنرالات "روما"، ومرغ أنوفهم في الوحل ولم يستسلم لإغراءاتهم، ولم تراوده نفسه يومًا في خيانة وطنه وقضيته.
رجل تعلم الإيمان من دينه، وقاتل من أجل قضية عادلة مؤمنًا بأن انتصاره حتمي وإن طال الزمن، رجل أعطى درسًا حقيقيًّا للغزاة مثلما منح درسًا إضافيًّا للتاريخ، الذي أفرد صفحات مشرفة لبطولاته ورجولته ومعاركه الخالدة، التي قضَّت مضاجع جنرالات "روما" بقضهم وقضيضهم، أين هم جنرالات روما؟! لقد تحطمت أحلامهم الاستعمارية البغيضة على صخرة المختار ورفاقه، الذين آمنوا بأن الخلود في الدنيا يكمن في الإيمان بالقضية العادلة في مواجهة قوى الشر والاستكبار، تلك هي الحقيقة الخالدة، وتلك هي المواجهة الرائعة، التي أبداها المختار في روعة متناهية هزت "روما"، وسكنت ذاكرة العالم من أقصاه إلى أقصاه.
أين هم الخونة الذين تآمروا على المختار؟! أين هم الذين باعوا الوطن بالبطن في زخرف ووهم، ثم تبددت أوهامهم مع انتصار الشعب الليبي؟! الخونة لا مكان لهم في ذاكرة التاريخ، بل مكانهم الحقيقي دائمًا مزبلة التاريخ، هكذا علمنا التاريخ ودروسه، التي يجب أن تعيها الشعوب وتؤكد عليها.
عمر المختار اليوم أشهر من علم، وشوارع العالم التي تُسمى باسمه وميادينه شواهد حقيقية على عظمة الأبطال، أبطال التاريخ الذين يضحون من أجل قضايا عادلة، هي المنتصرة في نهاية المطاف مهما طال الزمن أو قصر.
عمر المختار اسم تردده الأجيال والأناشيد والأهازيج بكل فخر، وقدوة يقتدي بها الأحرار في كل مكان، استُشهد المختار، ونال شهادة الخير في الدنيا والآخرة، أما جنرالات "روما" فلا أحد يذكرهم بخير؛ إذ أن صفحاتهم مظلمة بالجرائم وملعونة يلعنها الجميع، تبصق عليها الأجيال وتزدريها وتلعنها، فاللعنة على القتلى السفاحين المجرمين، والخلود لعمر المختار الذي علمنا أن الحياة وقفة عز وأن الرجال مواقف، إنه الموقف البطولي الذي وقفه عمر المختار من التاريخ والحياة.
هكذا هو التاريخ دائمًا ينحني لمواقف الرجال العظام أمثال عمر المختار إجلالًا وإكبارًا، فالمختار رمز تحترمه الشعوب وتنهل من صفحات جهاده الدروس، دروس مكللة بأكاليل الفخار تحتفظ بها الشعوب في ذاكرتها وتخلدها في سيرتها وتعتز به أيما اعتزاز، فنم قرير العين يا شيخ المجاهدين.
كان عمر المختار بالنهار فارسًا مغوارًا، مجاهدًا في سبيل دينه وبلاده، بالليل زاهدًا متعبدًا خاشعًا، حمل القرآن في قلبه وجعل منه نبراس طريقه، يطوي الصحاري طيًّا، يلقى مصيره بصدر رحب حتى لو كان مصيره معلقًا على حبل مشنقة!! هذا هو أسد الصحراء الذي ارتجت لسيرته وبطولاته الإمبراطوية الإيطالية، رجل صدق ما عاهد الله عليه، فأبى أن يكون في زمرة الجبناء وآثر الطريق الوعرة، طريق الحرية، هذا هو البطل الذي حاولوا خداعه، ولكن يأبى التاريخ إلا أن يدخله صفحاته في مصاف المجاهدين والأبطال الخالدين.
النشأة والبدايات
ينتمي البطل الشهيد عمر المختار لعائلتي "غيث" و"فرحات"، وهما من أكبر عائلات قبيلة "بريدان"، أحد بطون قبيلة "المنفة"، وينتهي نسبه إلى قبيلة "مناف" من كبار قبائل قريش، والتي ترجع إلى قبائل "بني مناف بن هلال بن عامر" أولى قبائل الهلالية التي دخلت "برقة".
وُلد عمر المختار سنة 1862م في قرية "جنزور الشرقية" بمنطقة "بئر الأشهب"، شرق "طبرق"، الواقعة بالجهات الشرقية من "برقة" التي تقع بدورها شرقي ليبيا قرابة الحدود المصرية.
والده هو مختار بن عمر، اشتُهر بشجاعته في القتال وإقدامه، بالإضافة إلى مكانته بين قومه، أما أمه فكانت تُدعى عائشة بنت محارب، وذاق عمر المختار مرارة الإحساس باليتم مبكرًا، حيث تُوفي والده بينما كان في طريقه إلى مكة الم?رمة لأداء فريضة الحج بصحبة زوجته عائشة أم عمر المختار، الذي لم يكن قد تجاوز السادسة عشر من العمر وقتها.
تلقى تعليمه وحفظ علوم القرآن الكريم والفقه والسنة والحديث، بالإضافة إلى بعض المهارات والصناعات اليدوية، الذي كان ضمن نهج التعليم آنذاك، وعُرف عنه أيضًا تميزه في ركوب الخيل، إذ عُرِف بشخصيته القيادية واتزان كلامه وجاذبيته مع تواضع وبساطة شديدين.
وانقطع عمر المختار عن التعليم؛ نظرًا لحسه الوطني والقومي المبكر، وإحساسه بأن وطنه في حاجة إلى عمله وجهاده، وهكذا نال المختار حب "آل السنوسي"، واستحوذ على اهتمام ورعاية أستاذه "المهدي السنوسي"؛ لما رأى فيه علامات النبوغ ورزانة العقل، ورغبته وحرصه الشديدين على تلقي العلم.
سمات البطل عمر المختار
ومن السمات التي تميز بها البطل عمر المختار، ملكاته الشخصية الفطرية التي شكلت فيه من صغره ملامح القائد، وساعدته على أن يجد لنفسه طريقًا مباشرًا لقلوب تابعيه ومستمعيه؛ ومنها موهبة فن الخطابة، فقد كان أجش الصوت، رخيم الكلام، عذب اللسان يختار ألفاظه.
امتاز بذكاء متوقد وحضور البديهة، وكان يحرص دائمًا على قيادة المجاهدين بنفسه، حيث قضى معظم أيام حياته في التخطيط والتنظيم للهجمات الشرسة التي كان يقودها ضد جنود الحاميات العسكرية الإيطالية، كما عُرف عنه إصراره الشديد على خوض الحرب المقدسة ضد قوات الاحتلال الإيطالية، واستطاع عمر المختار قيادة المجاهدين لمدة 15 عامًا، أنهك خلالها تماما القوات الإيطالية التي كانت قواتها مجهزة بأحدث الآليات العسكرية المتقدمة في ذلك الوقت.
أما عن اليوم، الذي سقط فيه الشهيد البطل عمر المختار في أيدي الغزاة، فكان يوم 11 سبتمبر من عام 1931م بينما كان يستكشف مواقع العدو ويتفقد مراكز المجاهدين بمنطقة سلنطة برفقة فرسانه، ليُحاصَروا من قِبَل خمسة آلاف جندي إيطالي، حيث دارت معركة حامية قُتِل فيها جميع من بقي من رفقة المختار وأُسِر هو.
وعُقِدت جلسة لمحاكمته يوم 15 سبتمبر 1931م في مقر إدارة الحزب "الفاشستي" ببنغازي، وصدر فيها الحكم بإعدام المختار شنقًا حتى الموت، ونُفذ في صباح اليوم التالي الأربعاء 16 سبتمبر 1931م، وتم تنفيذ عملية الإعدام مرتين إلى أن فارق البطل الشهيد الحياة، ونقل إلى مقبرة الصابرى بناحية بنغازي.
وهكذا رحل القائد عمر المختار، ولكنه ترك من الأثر في صفحات التاريخ ما لا تنساه ذاكرة الأمم، فكل حبة من رمال الصحراء الليبية تشهد له ولجهاده وبطولاته وإخلاصه لدينه وحبه لوطنه؛ ليغدو صفحة مجسدة من البطولة الخالصة تنحني لها كل هامات أعدائه قبل أحبائه.إن بزوغ نجم عمر المختار وظهوره بقوة على المسرح السياسي والعسكري، عند اشتراكه عام 1899م مع قوة أتباع السنوسية في مقاومة الاستعمار الفرنسي بوسط إفريقيا، وكانت تجربته العسكرية الأولى في منطقة "واداي" عندما شارك المختار في مقاومة الاستعمار الأوروبي وصد الغزو الفرنسي، حيث أظهر في هذه الحرب صرامة وشجاعة أكسبته احترام قادته.
مواقف مشهودة
كان من المعروف عن عمر المختار ثباته وحكمته وصبره ورباطة جأشه، وظهر ذلك جليًّا من خلال مواقفه، والتي نرصد منها أنَّ إيطاليا حاولت بواسطة عملائها الاتصال به، وعرضت عليه بأنَّها سوف تقدِّم له المساعدة إذا ما تعهَّد ملازمة بيته تحت رعايتها، وأنَّ حكومة روما مستعدَّة بأن تجعل منه الشخصية الأولى في ليبيا كلِّها، وإذا ما أراد البقاء في مصر فما عليه إلا أن يتعهَّد بأن يكون لاجئًا ويقطع علاقته "بإدريس السنوسي"، وفي هذه الحالة تتعهَّد حكومة روما بأن توفِّر له راتبًا ضخمًا، وهي على استعداد أن يكون الاتفاق بصورةٍ سرِّية وتوفير الضمانات له، كما طلبت منه نصح الأهالي بالإقلاع عن فكرة مقاومة إيطاليا.
ولكنه رفض كل هذه الإغراءات من أجل الجهاد والوقوف في وجه المعتدين وخروجهم من بلده ليبيا.وقد أكَّد المختار هذا الاتصال لمَّا سُئِل عن ذلك، وقال:(ثقوا أنَّني لم أكن لقمةًَ طائبة يسهل بلعها على من يريد، ومهما حاول أحد أن يغيِّر من عقيدتي ورأيي واتجاهي، فإنَّ الله سيخيِّبه، ولست من المغرورين الذين يركبون رءوسهم ويدَّعون أنَّهم يستطيعون أن ينصحوا الأهالي بالاستسلام، إنَّني أعيذ نفسي من أن أكون في يومٍ من الأيام مطيَّة للعدوِّ وأذنابه وأدعو الأهالي بعدم الحرب ضدَّ الطليان).
وموقف آخر يشهد له بالشجاعة والإصرار على الجهاد ضد الأعداء دون الالتفات إلى ما يقوله الآخرون، فعندما خرج من مصر عام 1923م قاصدًا برقة لمواصلة الجهاد، اجتمع به مشايخ قبيلته الموجودون بمصر من المتقدمين في السن، وحاولوا أن يثنوه عن عزمه؛ بدعوى أنَّه قد بلغ من الكبر عتيًّا، وأنَّ الراحة والهدوء ألزم له من أيِّ شيء آخر، وأنَّ باستطاعة "السنوسية" أن تجد قائدًا غيره لتزعُّم حركة الجهاد في برقة؛ فغضب عمر المختار غضبًا شديدًا، وكان جوابه قاطعًا؛ حيث قال لمحدِّثيه: (نَّ كلَّ من يقول لي هذا الكلام لا يريد خيرًا لي؛ لأنَّ ما أسير فيه إنَّما هو طريق خير، ولا ينبغي لأحد أن ينهاني عن سلوكها، وكلُّ من يحاول ذلك فهو عدوٌّ لي).
أما صبره فيدل عليه هذا الموقف: حيث أنه وبعد أن ضيَّق العدو الإيطالي الخناق على المجاهدين في برقة، بعث برسالة إلى أحد أصدقائه في مكَّة جاء فيها: (إنَّ المجاهدين يعانون من نقص في كلِّ شيء ضروري للحرب، ضدَّ عدوٍّ يمتلك كلَّ شيء حتى الطائرات، وإنَّه لكي يقاوم المجاهدون فإنَّهم لا يملكون إلا صبرهم).
ورغم تلك الظروف البالغة الصعوبة، فقد أصرَّ عمر المختار على البقاء في أرض الوطن وعدم مغادرته، وكان يقول: (لا أغادر هذا الوطن حتى ألاقي وجه ربِّي، والموت أقرب إليَّ من كلِّ شيء؛ فإنِّي أترقَّبه بالدقيقة)، كما أنه كان كثير الدعاء إلى الله سبحانه وتعالى: (اللهم اجعل موتي في سبيل هذه القضية المباركة).
هكذا يكتب الرجال تاريخ الشعوب المجاهدة، فينحاز المعنى للمعنى، وتنفتح الذاكرة على الأحداث، ليكون الخلف وفيًا للسلف، يكتب هو الآخر تاريخ الشهادة، ويرسم معالم التحرر بوهج الكلمات القادمة من رحم كريم، فتصير الشهادة أمانة تتوارثها الأجيال.
-------------
بقلم/ أنس حسن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق