السبت، 25 يوليو 2009

القائد صلاح شحادة.. سبعة أعوام من الشهادة



كانت ليلة هادئة والسكون يعم قطاع غزة على غير العادة، وإذا به يطمئن على أولاده وأهل بيته قبل أن يتوضأ لقيام الليل، وأثناء دعائه بأن يتقبله الله شهيدًا كما تمنى طيلة حياته وإيمانًا بشعار "الله غايتنا، والموت في سبيل الله أسمي أمانينا" الذي غرسه في قلوب مجاهدي كتائب القسام إذا بقنبلة تزن طنًّا تسقط على بيته ليلقى الله شهيدًا مجاهدًا.

إنه الشيخ القائد صلاح شحادة مؤسس كتائب الشهيد عزالدين القسام الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية الذي حير قادة الكيان الصهيوني أكثر من 10 سنوات.

المولد والنشأة


ولد الشيخ الجنرال في مخيم الشاطئ يوم 24 فبراير 1952م وهو الأخ الأصغر لست بنات، ونزحت أسرته إلى قطاع غزة من مدينة يافا بعد أن احتلتها العصابات الصهيونية عام 1948م، حيث أقامت في مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين، وتزوج عام 1976م وهو أب لست بنات ولدت الأخيرة أثناء اعتقاله.


في عام 1958م دخل صلاح المدرسة الابتدائية التابعة لوكالة الغوث وهو في سن الخامسة، درس في بيت حانون المرحلة الإعدادية، ونال شهادة الثانوية العامة بتفوق في مدرستي فلسطين ويافا الثانوية بمدينة غزة.

التحق بالمعهد العالي للخدمة الاجتماعية في الإسكندرية، وفي السنة الثالثة بدأ التزامه بالإسلام يأخذ طابعاً أوضح، وأثناء هذه الفترة من حياته انخرط في صفوف جماعة الإخوان المسلمين، وسافر إلى مصر لمتابعة دراسته، وتواصل مع المجموعات الفدائية الفلسطينية الناشطة والتي كانت تخطط وتُنفِّذ أعمال المقاومة بعد حرب 1967م واحتلال أراضي الضفة والقطاع.

وعمل باحثًا اجتماعيًّا في مدينة العريش في صحراء سيناء، وعين لاحقًا مفتشًا للشئون الاجتماعية في العريش بعد أن استعادت مصر مدينة العريش من الصهاينة في العام 1979م،حيث انتقل للإقامة في بيت حانون واستلم في غزة منصب مفتش الشئون الاجتماعية لقطاع غزة.

وفي بداية العام 1982م استقال من عمله في الشئون الاجتماعية وانتقل للعمل في دائرة شئون الطلاب في الجامعة الإسلامية في مدينة غزة.

سنوات الاعتقال


واعتقلته سلطات الاحتلال في العام 1984م للاشتباه بنشاطه المعادي للاحتلال الصهيوني، غير أنه لم يعترف بشيء ولم يستطع الصهاينة إثبات أي تهمة ضده، فأصدروا ضده لائحة اتهام حسب قانون الطوارئ لسنة 1949م، وهكذا قضى في المعتقل عامين.

وبعد خروجه من المعتقل في العام 1986م شغل منصب مدير شئون الطلبة في الجامعة الإسلامية إلى أن قررت سلطات الاحتلال إغلاق الجامعة في محاولة لوقف الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت في العام 1987م، غير أن صلاح شحادة واصل العمل في الجامعة حتى اعتقل في أغسطس 1988م.

وظل محتجزًا في العزل الانفرادي والتحقيق منذ بداية اعتقاله وحتى مايو 1989م، وبعد أن فشل محققو جهاز الاستخبارات الصهيونية في انتزاع أي معلومات منه قرروا إنهاء التحقيق معه، غير أنه أعيد بعد فترة قصيرة إلى زنازين التحقيق بعد حملة اعتقالات واسعة في صفوف حركة المقاومة الإسلامية "حماس" جرت في مايو 1989م، واستمرت جولة التحقيق الجديدة حتى نوفمبر 1989م أي بعد ستة أشهر.

مؤسس كتائب القسام


وبعد انقضاء فترة الاعتقال عام 1984م؛ حيث قضى سنتين وراء القضبان، انكبَّ بعدها على تشكيل خلايا "المجاهدين الفلسطينيين" مع بداية الانتفاضة الأولى، والتي تكوَّنت منها فيما بعد نواة كتائب عز الدين القسام بعد تأسيس حركة حماس.

منذ ذلك الحين توالت العمليات المسلحة الجريئة ضد الجنود الصهاينة الذين كانوا يتدربون في مغتصبة آتزمونا وأمام مزرعة (كيبوتز) قريم شالوم.

و في عام 1988م اعتقل صلاح شحادة مرةً أخرى وحُكم عليه بـ10 سنوات ونصف سجنًا نافذةً؛ بتهمة مشاركته في التخطيط لعملية اختطاف وقتل جنديين صهيونيين، وبعد انقضاء مدة الحكم بقي معتقلاً أكثر من سنتين إضافيتين في ظل نظام الاعتقال الإداري بدون محاكمة، إلى أن أُطلق سراحه في شهر مايو 2000م.

وعاد شحادة بسرعةٍ إلى النشاط في إطار كتائب القسام، كما أصبح من القادة النافذين في حركة حماس، وكان قريبًا جدًّا من قائدها الشيخ ياسين، ونظرًا للدور الجهادي الذي اضطلع به وُضِعَ اسمه بسرعةٍ على رأس قائمة المطاردين المطلوبين من جيش الاحتلال منذ عام 2001م بعد أن أخذت انتفاضة الأقصى منحى المقاومة المسلحة.

وحاول القادة العسكريون في الكيان الصهيوني اغتيال قائد كتائب عز الدين القسام عدة مرات خلال الأشهر الأخيرة لكن محاولاتهم باءت بالفشل في كل مرة.

وفي مثل هذا اليوم استشهد الشيخ الجنرال صلاح شحادة 24 يوليو 2002م بقنبلة تزن طنًّا ألقتها طائرة صهيونية من طراز F-16 على بناية في حي مزدحم بمدينة غزة؛ مما أدَّى إلى استشهاد 18 فلسطينيًّا بينهم ثمانية أطفال.

شهادة الأعداء


ولقد استطاع الشيخ القائد أن يكسب الاحترام والتقدير من أعدائه، حيث قال عنه "يكوف بيري" الرئيس الأسبق لجهاز الشاباك الصهيونيّ: "هذا الرجل هو اليد اليمنى للشيخ أحمد ياسين، رجلٌ يثير انطباع من يلتقيه ويجبرك على احترامه حتى لو كنت تحتفظ تجاهه بكلِّ مشاعر الكراهية، إن شحادة رجل لا يعرف الانكسار".

وقال الإرهابي "شارون" يوم أن أشرف بنفسه على تنفيذ عملية اغتيال الشيخ الجنرال "صلاح شحادة": "ضربنا أكبر ناشطٍ في حماس، الشخص الذي أعاد تنظيم حركة حماس في الضفة الغربية من جديد، إضافةً إلى النشاطات التي نفّذها في قطاع غزة، هذه العملية هي واحدة من أكثر العمليات نجاحًا".

وأكد نائب مدير عام الشئون الإعلامية في وزارة الخارجية، غدعون ساعر: "بأن الغارة الصهيونية استهدفت ضرب إرهابي معروف، وهو مسئول عن مئات الهجمات التي نفذت ضد المدنيين الصهاينة خلال السنوات الأخيرة".
---------------
المصدر

ليست هناك تعليقات: