الأربعاء، 11 فبراير 2009

الرجل الكتيبة "الشيخ القائد صلاح شحادة"



سنة النشر:2008

دار النشر :مركز الإعلام العربي-القاهرة

عدد الصفحات :72


يتناول الكتاب سيرة واحد من أهم الشخصيات القيادية في تجربة الجهاد الفلسطينية؛ فصلاح شحادة لم يكن بالرجل العادي الذي مر كعابر سبيل على حواف المشهد النضالي، لقد انغرس شحادة منذ البدايات في وضع اللبنات الأولى للعمل المسلح في فلسطين، وعمل على تطوير دولاب العمل الجهادي بشكل دءوب، وهذا ما جلب عليه حنق الاحتلال، الذي جعل صلاح شحادة يتصدر قائمة أهدافه، وبعد حياة حافلة بالعطاء والعناء من أجل فلسطين قضية وشعبًا رحل شحادة ظافرًا بالشهادة، ولم يجن قاتلوه من اغتياله سوى تسجيل جريمتهم في سجل مخازيهم، فجذوة الجهاد التي أشعلها شحادة ورفاق دربه صارت عصية على أن يخمدها أحد مهما بلغ جبروته.


بطاقة تعريفية


ولد صلاح الدين مصطفى علي شحادة في مخيم الشاطئ، يوم 24 شباط/فبراير 1952، وهو الأخ الأصغر لست بنات، ونزحت أسرته إلى قطاع غزة من مدينة "يافا" بعد أن احتلتها العصابات الصهيونية عام 1948م، وأقامت في مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين.
التحق بعد شهادة الثانوية بالمعهد العالي للخدمة الاجتماعية في الإسكندرية، وفي السنة الثالثة بدأ التزامه بالتوجه الإسلامي يأخذ طابعًا أوضح، بعدما انتظم مع جماعة الإخوان المسلمين، وبدأ الحياة الجهادية والعمل في الدعوة إلى الإسلام فور عودته من مصر إلى قطاع غزة.
تزوج في العام 1976 وهو أب لست بنات، ولدت الأخيرة أثناء اعتقاله، وعمل باحثًا اجتماعيًا في مدينة العريش في صحراء سيناء، وعين لاحقًا، مفتشًا للشئون الاجتماعية في العريش، وبعد أن استعادت مصر مدينة العريش من الصهاينة في العام عام 1979م، انتقل صلاح للإقامة في بيت حانون، واستلم في غزة منصب مفتش الشئون الاجتماعية لقطاع غزة.
صفاته ومناقبه
اتسمت شخصية صلاح شحادة بالجد وروح المسئولية والتوثب للجهاد منذ الصبا، حيث يروي الكاتب أنه كان يؤوي المطاردين منذ كان صبيًا لا يتجاوز 15 عامًا، وكان ممارسًا للرياضة، وقد حاز على الحزام البني في المصارعة اليابانية، والحزام الأسود في لعبة الجودو.
تميز شحادة بقوة البنيان، وكان يعلق على هذا الأمر بروح الدعابة فيقول: إنه يخشى من مصافحة الناس، مخافة أن يتسبب في كسر ذراع أحد.
مكث شحادة في السجون الإسرائيلية خلف القضبان 14 عامًا، ورغم قسوة تلك التجربة التي يعتبر البعض سنينها عديمة الجدوى، إلا أن شحادة كان يخطط ويستفيد من كل دقيقة في يومه، وكان يقول: "يوم في الزنازين كساعة خارجه"، ويقول عنه الدكتور الشهيد عبد العزيز الرنتيسي: "قضيت مع شحادة أحلى سنوات عمري داخل السجن عام 1988، ثم التقيته ثانية في عام 1995، وكان شحادة الخطيب في المعتقل، والمسئول عن تدريب الشبان في طابور الصباح..كان يمارس معهم رياضة قاسية، حتى أن إدارة السجن شكته عدة مرات، وادعت أنه يدربهم تدريبات عسكرية".
وقد أدار الشهيد القائد عام 1989 أحد العلميات العسكرية من داخل المعتقل، حيث استطاعت الخلية العسكرية التي يرأسها خطف جنديين وقتلهما، وإخفاء جثة أحدهما، وفي هذه المرة يحكي شحادة: "أشرف على تعذيبي إسحاق مردخاي، وأخذ يقول لي: "أنت رجل عسكري مثلي، مُرْ جنودك أن يسلموا جثة سعدون(أحد الجنديين القتلى)". فسألته: هل سلم المجاهدون سلاحه؟ وعندما رد عليّ بالإيجاب قلت له: من الخطأ أن يفعلوا، فطلقة رصاص واحدة أفضل عندنا من جندي منكم، لأننا بالطلقة سنقتل جنديًا آخر.
شهادة تاريخية
ويروي الكاتب على لسان الشهيد صلاح شحادة بداية تأسيس الجهاز الأمني لجماعة الإخوان المسلمين في فلسطين فيقول: "بدأنا تأسيس الجهاز الأمني عام 1980/1981، وبدأ الجهاز وكان عبارة عن مسدس وقنبلة، حتى أصبح قويًا، وتكونت مجموعة قوية وصلبة تنظم العمل العسكري داخل الجهاز، وكان في تلك المجموعة الشيخ أحمد ياسين ومجموعة من المجاهدين، كنت أنا آخر واحد في هذه المجموعة، والأخ إبراهيم المقادمة، ولم يعرف أحد من أفراد هذا الجهاز إلا في عام 1989، حيث كانت أول ضربة له، والتي عرف الناس على أثرها أن حركة حماس هي الوجه الآخر لجماعة الإخوان المسلمين، وأن لها جهازًا أمنيًا يعمل بدقة، لدرجة أن رجال المخابرات قالوا: كيف تخرجون فجأة إلى السطح وكأن لكم دولة".
ويقرر الكاتب أن حركة حماس أحدثت بقيادة الشيخ صلاح شحادة نقلة نوعية في مواجهة العدو الإسرائيلي، من خلال عمليات التفجير الاستشهادية داخل الكيان، وأحرزت العديد من الانتصارات على جهاز المخابرات الصهيوينة، برغم الصعوبات الجسام التي تواجه تلك العمليات التي كانت تنفذ في العمق الإسرائيلي، الأمر الذي يجعل مجرد تسلل مواطن فلسطيني أعزل إلى الكيان يعتبر نصرًا أمنيًا على أجهزة الأمن الصهيوني، فكيف إذا كان المتسلل يحمل متفجرات يصل بها إلى العمق الصهيوني في تل أبيب ونتانيا أو حيفا...إلخ، ثم يقوم بتنفيذ عملية في حافلة أو في سوق أو مستوطنة..إنها بلا شك انتصارات أمنية للقائد صلاح شحادة وأبطاله المنفذين ومن خلفهم، وإخفاقات أمنية لأجهزة الأمن الصهيوني، وكل ذلك بفضل الله، ثم المجاهدين الصادقين.
ويستعرض الكتاب لموقف من جملة المواقف التي تعرض لها القائد صلاح شحادة داخل السجون الإسرائيلية، والتي تعبر عن رؤيته للوجود اليهودي في فلسطين، حيث يقول الشيخ شحادة: من المواقف داخل السجن أنه كان هناك لقاء مع المخابرات الصهيونية، وقد سألوني ما هي نظرتي لهم؟ فأنا قلتها بصراحة: نظرتي لكم أنتم ضحايا مشروع غربي، مفروض علينا في الشرق الأوسط، وهو مشروع الحاجز البشري الغريب في المنطقة، بريطانيا عندما أعطتكم وطنًا على أرض فلسطين لم تكن في يوم من الأيام تحب اليهود أكثر من البريطانيين، أرادوا أن تكون بلاد الشرق الأوسط سوقًا للسلاح، وكذلك ألا تنهض فيها خلافة جديدة، فأنتم حاجز بشري، وضحايا مشروع غربي، فيجب أن تستيقظوا، ولا تدافعوا عن هذا المشروع بحجة الدفاع عن النفس، لماذا يعطونكم السلاح، ولماذا لا يموت أبناؤهم الغربيون؟ وأنتم الذين تموتون؟


الاستشهاد


يروي "إليكس فيشمان"- المحلل السياسي في جريدة يديعوت- عملية اغتيال القائد الشهيد فيقول: كان واضحًا للأوساط الاستخباراتية أن ثمة أحدًا ما من الخارج يدير شبكة العمليات الاستشهادية بصورة وثيقة، حيث إنه برغم الحضور المكثف للجيش في المناطق والعمليات المكثفة من الاعتقالات والإحاطات..تواصل خلايا حماس في الضفة الغربية الحفاظ على صلة دائمة مع أوساط داخل الخط الأخضر، توفر لهم معلومات عن أهداف ممكنة لعمليات استشهادية، ثمة شخص ما يطرح الأسئلة، وثمة شخص ما يتلقى الإجابات، وثمة شخص ما ينقلها إلى الميدان، ومن أجل تصفية الخلايا السرطانية التي ترفض الزوال يجب الوصول إلى الدماغ.
وكانت المفاجأة أن الدماغ يقيم في غزة، وفجأة في الأشهر الأخيرة أشارت المعلومات الاستخباراتية إلى هذه الظاهرة الجديدة: "صلاح شحادة"، الرجل الذي يعتبر رقم "1" لعز الدين القسام في قطاع غزة، وبدأ الجهاز الاستخباراتي يحكم الطوق على هذا الشخص.
1-مجلس الوزراء الصهيوني المصغر قرر (تصفية) شحادة، وشعبة الاستخبارات العسكرية وجهاز (الشاباك) يكثفان نشاطهما في جمع المعلومات الاستخباراتية.
2-مايك هيرتزوغ– السكرتير العسكري لوزير الدفاع الصهيوني "بنيامين بن اليعيزر"- ينقل معلومات نُقلت إليه من عملاء للعدو عن تواجد شحادة وزوجته ومرافقيه في أحد المنازل الجديدة في قطاع غزة، ثم يصادق على عملية الاغتيال، ثم يعرض الجنرال "موشيه فركش" على شارون صورًا جوية للمنزل، بعد المصادقة السياسية، يأمر رئيس أركان الجيش الصهيوني "موشيه يعلون" طائرة حربية من طراز(أف 16) بالإغارة على المكان.
فكان الاغتيال ظهر يوم الاثنين 22/7/2007، حيث أعلن الميجور جنرال "دان هالوتز"، أن الصهاينة ألقوا قنبلة بلغت طنًا على المنزل الذي كان يقطنه الشهيد صلاح، فاستشهد هو وزوجته وثلاث من بناته، في مجزرة أشرف عليها رئيس وزراء الكيان الصهيوني شخصيًا، ليكون بحق "رجل تحاربه دولة".

ليست هناك تعليقات: